قام أبو يزيد البسطامي يتهجد من الليل فرأى طفله الصغير يقوم بجواره .. فأشفق عليه لصِغَر سِنِّه ولبرد الليل ومشقة السهر فقال له : ارقد يا بني فأمامك ليلٌ طويل .. فقال له الولد : فما بالك أنت قد قمت ؟
فقال : يا بني قد طَلَب مني أن أقوم له .. فقال الغلام : لقد حفظت فيما أنزل الله في كتابه : ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثيْ الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) فمَن هؤلاء الذين قاموا مع النبي صلي الله عليه وسلم ؟ فقال الأب : إنهم أصحابه .
فقال الغلام : فلا تحرمني من شرف صحبتك في طاعة الله .. فقال الأب وقد تملَّكته الدهشة : يا بني أنت طفل ولم تبلغ الحلم بعد .. فقال الغلام : يا أبتي إني أرى أمي وهي توقد النار تبدأ بصغار قطع الحطب لتشعل كبارها .. فأخشى أن يبدأ الله بنا يوم القيامة قبل الرجال إن أهملنا في طاعته .. فانتفض أبوه من خشية الله وقال : قم يا بني فأنت أولى بالله من أبيك ..